د. مدحت عبد الجواد يكتب. تراث الاباء فى زهرة الشعراء

( تراث الآباء في زهرة الشعراء )     
بقلم / مدحت عبد الجواد
قصيدة ( زهرة الشعراء )
للشاعر الفلسطيني / مفيد قويقس( رحمة الله عليه) هدية للشاعرة ( مقبولة عبد الحليم)
القمر الرابع معنا اليوم  هذه القصيدة ، للشاعر الفلسطيني الرائع، والذي  أطلق على  الشاعرة ( زهرة الشعراء)، لأنها تتميز بالشاعرية المتدفقة، لا تحتاج وقتًا، أو جهدًا في قرض الشعر، فيمكنها أن تقرض الشعر ارتجالًا، دون جهد أو عناء، فقرض الشعر يشبه حديثها اليومي، تعتز بالعروبة، وتعتز بفلسطين، وتهتم بقضيتها، وتحب الوطن العربي، ولذا شاعرنا يخصها بهذه القصيدة الرائعة :

قصيدة كان قد كرمني بها الشاعر الفلسطيني الكبير المرحوم/ مفيد قويقس والتي أعتز بها، وألبسها تاجا على رأسي

 زهـــــــــــــرة الــــشــــعــــراء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 أعـلـنتُ لـلـشعر الـجميل ولائـي
وجـعلتُ مـن بـحر الـخليل روائـي
مـا غـرّني الـشعراء إن يستحدثوا
 مـــا غــرّنـي الأدبـــاء بـالأسـمـاء
 فـالـكاتبون الـشـعر سـردًا مـبهمًا
كـالـكـاتـبين حــروفـهـم بــالـمـاء
 مــتـجـدّدون يــحـاربـون تــراثـهـم
ويـــبــرّرون الــضــعـف بــالإلــغـاء
هـذا هـو الإرهـاب فـي تجديدهم
أن يـسـحـق الـتـرميم كــلّ بـنـاء
 إنّ الـقـصيدة مــا يـدغـدغ حـرفُها
شـعـبًـا ويـبـهـر مـجـمـع الأدبـــاء
والـشـعر مــا يـغزو الـقلوب بـدايةً
ويـــــروق لــــلإدراك دون عــنــاء
 مـا عـدت أخـشى أن يضيع تراثنا
 بـيـن ازدحــام الـصمت والـضوضاء
قـد زارني وحي القريض وقال لي
 مــا زال لــي بـالـبعض خـير رجـاء
مــا زال لــي بــالأرض وجــهٌ ثـائرٌ
 ومــعــانـقٌ لــقـصـائـدٍ عــصــمـاء
 مــن كـفر مـندا أشـرقت مـقبولةٌ
شمسُ القصيدةِ في مدى العرباء
فـمن المحيط إلى الخليج حروفُها
 ألــقـت عـلـى الآداب خـيـرَ بـهـاء
مــقــبـولـةٌ عــربــيــةٌ شــرقــيّـةٌ
مـصـقـولـةٌ مـــن مــوطـنٍ وإبـــاء
عــبـقٌ قـوافـيـها فـــلا عـجـبًـا إذا
نـاديـتُـهـا يــــا زهـــرة الـشـعـراء
مــقـبـولـة تـكـريـمـهـا تـكـريـمـنا
لـلـضـاد مــن أَلِــفٍ لـحـرف الـيـاء
فـأمـامها يـقف الـقريض ويـنحني
لــيـلـفَّـهـا بــعــبـاءة الــخـنـسـاء
وجــه الـقـصيدة مـوطـنٌ بـرجـاله
ونـــســاءه مـتـكـامـل الإنــشــاء
لا يــصـنـعُ الأوطــــانَ إلّا أهــلُـهـا
ومــطــامــحُ الآبــــــاء والأبـــنـــاء
سـير الرجال إلى الحضارة خدعةٌ
إن لـــم تـخـالـطه وجـــوهُ نـسـاء

 - بداية فيها براعة استهلال، يرتكز على الماضي في ( أعلنت) وما يوحي به من فخر، وإرادة ذاتية وشجاعة، وهو يعلن الولاء، وهنا استعارة رائعة، وكأن الشعر الجميل (حاكم) ولكنه يحبه فيعلن الولاء طائعا راضيا، وتأمل الموسيقى بين (ولائي وروائي)، ويعود ليصنع ارتباطًا ذهنيًا بين( بحر العروض والبحر الحقيقي) الذي يرتوي منه، فيصنع استعارة جميلة وكأن بحر الخليل ليس بحرًا عروضيًا بل هو بحر حقيقي مع الأخذ بعين الاعتبار أن البحر هو المرادف للماء العذب فعندنا يطلقون على النيل لفظ البحر مجازًا حتى أنه يرتوي منه، والارتكاز على الماضي يحسم القضية بأنها إرادة ذاتية.
- وهو يكرر النفي عن نفسه للوقوع في إغراء الحداثة، مع ما يحويه من أسماء شعراء لهم شهرتهم، ورغم ما يحويه من كتابات للأدباء، وهنا يصنع مفارقة مع البيت الأول، فهناك يثبت حبه لعروض الخليل الذي يمثل التراث، وهنا ينفي الحداثة، وما يتعلق بها من شهرة، فيعمق الاحساس بالموقف من جهتين.
- وهو يشبه من يكتبون الشعر السردي المبهم بمن يكتب على صفحة الماء فلا يبقى لكتابته أثر، لكنه يرتكز في هذا التشبيه على عدة جوانب، فقد بدأ بالجملة الإسمية للتأكيد والثبات، وعرفهم ب( ال ) لأنهم معروفون،ووصف عيبًا يناقض شروط الفصاحة والبيان(مبهمًا) كما ورد عن علماء العرب قديمًا، هذا العيب جعله يهدم كل شعرهم في كلمة واحدة، وكأنه ضربهم بالضربة القاضية، دون كثرة جدال وحوار وفي يسر.
- ( متجددون)، هو لا يصفهم بالتجدد بل يصفهم بما وصفوا به أنفسهم، وكأنه يسخر منهم، ومن زعمهم، ويؤكد ذلك أنه عقب بصفتهم الحقيقية (أنهم يحاربون التراث)، وهذا يبين ويكشف عن سوء نواياهم، وخطأ مفهوم التجديد عندهم؛ لأنهم يبررون ضعفهم في اللغة والنظم بإلغاء (الوزن والقافية) التي تمثل لهم عقبة وتكبل حريتهم، رغم أنها الهوية العربية للشعر العربي، وتجد هنا الجمل والتراكيب إخبارية؛ لأنها تقرر حقائق واضحة لاتقبل الشك.
- وهنا يصف تجديدهم بالإرهاب، ينوع بين التشبيه، والاستعارة الرائعة، ويصور تجديدهم بآلات عملاقة تدمر، وتسحق كل بناء للأجداد، وهو يستنكر أن يكون هذا هو التجديد، لكن أجمل ما في التركيب هنا هو الإشارة ( هذا ) تلك الإشارة حولت البناء الشعري من صورته المعنوية بعبقرية إلى صورة حسية واضحة يشير إليها الشاعر، وكأنه يشير إلى بناء حقيقي تهدمه آلات التجديد المزعومة، وهنا تكمن العبقرية الشاعرية المتفردة.
- وكأنه أراد أن يعلمهم، ويبين لهم أصالة القصيدة التي تنبع حروفها من ألسنة، وأعماق الشعوب، وهنا يسوق استعارة رائعة، ويبين أثر هذه الحروف على عقول الأدباء، وكأنه يصنع منهجًا يحدد جودة القصيدة وأصالتها، وتأمل الارتكاز على الفعل المضارع للتعبير عن التجدد والاستمرار الذي يناسب حال اللغة في تجددها .
- ثم يبين قوة الشعر بأنه ( يغزو القلوب) فتلك الاستعارة لها دلالات أخرى؛ لأنه ربط بين الفتوحات العظيمة بالخير، وبين الفتوحات التي تقع على القلب من أثر الشعر، كما بين قوة الشعر وأثره، ولكنه يسد الظن السيء والفهم المغالط، لهذه الكلمة حيث يصف أنه (يروق للمتلقي دون عناء)، وتأمل العبقرية حيث عبر عن شروط الشعر الجيد عند القدماء، وشروط الفصاحة بيسر وسهولة، فإذا راق الشعر للمتلقي، وكان يشعر معه بالسعادة دون عناء أو جهد فقد حصل شروط الفصاحة، وجمال الطبع .
- النفي هنا لشيء في المستقبل، فهو قد أمن على مستقبل التراث، وتأمل هنا فإن أقوى إثبات يكون بالنفي، كيف ذلك ؟ لو أنك قلت : فلان كريم ..يمكنني أن أعتبره كريما بنسبة ما تزيد أو تقل، أما إذا قلت: إنه لا يعرف البخل، فقد نفيت عنه كل البخل، وأثبت له الكرم، وصنع مفارقة وحرك ذهن المتلقي، وهذا أقوى وهو ما صنعه الشاعر، ويرتكز هنا على استعارة ممتزجة بين متناقضين ( الصمت/ الضوضاء) لكنه يعبر من خلالهما عن صنفين من البشر، قد يتسببان بضياع التراث، ولكنه صار يأمنهما.
- يصور القريض بالوحى في استعارة تغاير ما تعارف عليه الشعراء من أمر الجني الذي يصاحب الشعراء، وهو يشير لشرف وعظم التلقي، وهذا الوحى هو يثق به فاطمأن لقوله، وأكد ب ( قد )، وأيقن بأن هناك من ينعقد بهم الأمل في حماية التراث.
- يكرر مازال للاستمرار، ويمزج التركيب الاستعاري، بالتقديم والتأخير، ويؤكد كما أكد في البيت السابق بقد، فإنه يؤكد هنا بالقصر، ثم يرتكز على استعارة أخرى تبين فرحة لقاء المحب للتراث، والقصيدة العربية بأنه يعانقها كأنها المحبوب عند اللقاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم يبدأ بالحديث عن الشاعرة حديثًا جميلًا رائعًا، ومن حقها أن تفتخر بنفسها، فمن كانت تملك هذا الأصل العريق، وهذا الخلق الشريف، وهذه الفطرة النقية، والحب للعروبة والأصالة، فلها كل الحق، ولكني أجتنب الحديث هنا، فليس من حقي، ولقد عبر الشاعر عنه أفضل تعبير. 
رحمة الله تعالى عليه، وكل التوفيق للشاعرة المتميزة( زهرة الشعراء).

تعليقات

  1. مرحباً ، اسمي كلوديا كلاين ، أنا مقرض ومستشار مالي أيضًا.

    هل أنت في حاجة ماسة إلى التعزيز المالي؟ هل تحتاج إلى قرض لأغراض مختلفة؟ إذا كانت إجابتك بنعم ، فإنني أنصحك بالاتصال بشركتي عبر | Spotlightglobalservices@gmail.com | أو راسلنا على WhatsApp: +4915758108767 | ولديك قرض في حسابك خلال 24 ساعة لأننا نقدم خدمات قرض ممتازة في جميع أنحاء العالم.

    نحن نقدم جميع أنواع خدمات القروض (القرض الشخصي ، قرض الأعمال وغيرها الكثير) ، نقدم قروضًا طويلة الأجل وقصيرة الأجل ، كما يمكنك اقتراض ما يصل إلى 15 مليون يورو. ستساعدك شركتي في تحقيق مجموعة متنوعة من الأهداف من خلال مجموعة واسعة من منتجات القروض.

    نحن نعلم أن الحصول على قرض شرعي كان دائمًا مشكلة كبيرة بالنسبة للأفراد الذين يعانون من مشكلة مالية ويحتاجون إلى حل لها ، يجد الكثير من الناس صعوبة كبيرة في الحصول على قرض من البنوك المحلية أو المؤسسات المالية الأخرى بسبب الفائدة المرتفعة. المعدل أو الضمانات غير الكافية أو نسبة الدين إلى الدخل أو درجة الائتمان المنخفضة أو أي أسباب أخرى.

    لا مزيد من أوقات الانتظار أو الزيارات المصرفية المجهدة. خدمتنا متاحة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع - يمكنك الحصول على قرض وإتمام معاملاتك متى وأينما احتجت إليها.

    نقدم خدمات قروض عالمية المستوى على مدار 24 ساعة. للاستفسارات / الأسئلة؟ - إرسال بريد إلكتروني إلى | Spotlightglobalservices@gmail.com | أو راسلنا على WhatsApp: +4915758108767 | & تلقي الرد في لحظة.

    لا تحتاج عائلتك وأصدقائك وزملائك إلى معرفة أنك تعاني من نقص في السيولة النقدية ، ما عليك سوى الكتابة إلينا وستحصل على قرض.

    حريتك المالية بين يديك!

    ردحذف

إرسال تعليق