شخابيط العقل


جوله فى ذاتى

 رؤية \ محمد إبراهيم عمار
نتيجة بحث الصور عن شخابيط العقل
ركضُ خلف الحافله وما إن وطأت قدمي متنها حتي هَرولت مسرعاً للنزول من هول المشهد ، فصاح مساعد السائق بنبره قاسيه " أركب يا أستاذ العربيه فاضيه جوه " أقف علي قدم واحده وأبدل معها الأخري من ضيق المكان ،  وتكدس الركاب ، أختلس أنفاسي نذرت إن نجيتُ هذه المره سأصطحب معي أنبوبه أكسجين المره القادمه ، من قوه الأحتكاك بين الركاب كادت أن تتولد شُحنه كهربائيه ، ناهيك عن الأختلاط بين النساء والرجال الذي يندي له الجبين خجلاً  والتفاف الساق بالساق ،  وهناك من يبحث عن أكل عيشه في وسط المعمعه ،  وما إن إنتهت المعركه ، وفُزت بمَقْعَد ولكنه لم يكن مَقْعَد في إحدي المجالس أو الوزارات ، يفترش أحلام الناس كاسجاده للوصل إليه ، ورقابهم كاسُلم لتسلُقه ، كان مَقْعَد نصبت فوقه مايكروسكوب لأري الصوره عن قرب في عالم المشاكل الذي تعتبر الحافله صوره مصغره لها ،  تنفست الصعداء ، وبداء جيش الهموم الذي أعط للمعركه معي هُدنه يُعيد الكر عليّ مره أخري وهل أنا وحدي الذي أتعرض لهذه الحربُ الطاحنه هل أنا فقط الذي وقعت بين رحي مشاكل الحياه فطحنتني بين رحاها ،سؤال بدأ يراودني عن نفسه ، يبنما يرميني الوساس بسهامه ، وكنت حزينا بما يكفي لأكون علي حافه البكاء ، قلت في نفسي لعلي أجد فيها درع أصدُ بهِ عن نفسي ، رمُقت عيني الوجوه علها تُجيب علي سؤالي ،
رجل بلغ من الكبر عتيا ، خطت التجاعيد وجهه وكسي الشيب رأسه ، رث الثياب  ، يفترش الأرض ، يلتحف بخرقه باليه ، يظهر عليه وعثاء السفر ، جسده البالي يُصارع المرض ، يسند رأسه بوضع يده تحت خديه كنايه عن الحُزن ، يُمسك بيده الأخري أشبه بصيدليه من كثره الأدويه التي بداخلها ، وضَحَ جالياً أن الأيام أضعفت بصره ، وأكل وشرب الدهر علي ذاكرته ، تملكّني العَجب ! أين يولي هذا الشيخ وجهه ، يعلم أين يذهب ؟ أم إنه ضَل الطريق ، من رفيقه في هذه الحياه ؟هل غادر دار المسنين للتو ؟ وماذا، لو تعرض لغيبوبه بسبب الأمراض التي إتخذت من جسده مسكانا؟ أسئله إجابتها توقفك علي الحد الفاصل بين العقل والجنون، لكن سؤال مرّ بخاطري مرّ كعاصفه علي لم استطيع تخيُل إجابته ، ماذا لو إنتهي بي الطريق يوم إلي هذا المصير ؟سرت قشعريره في جسدي ، فغضت طرفي ، لم أستطيع صبراً علي  هذا المشهد الذي يُدمي القلوب
تقلبت في الوجوه عن شئ أواسي به نفسي لعل شئ منها أنتشل به نفسي من الغرق في بحر همومي اللُجّي ، رجل تعرفه من هيئته إنهُ موظف قطاع عام يبدو عليه القلق ، تلاطمه أمواج الظروف الطارئه في بحر الحياه ، يتحرك بخطوات وائيده مثقله داخل الحافله ، يستخرج من جيبه أوراق نقديه لعله يجد القشّه التي يتعلق بها ، ويحسب ما بيده ويغمض عينه ليتذكر شئً ما ، ذكرني بطفولتي عندما كنت أحل مسأله حسابيه من جمع وطرح علي أصبعي كان يفعل كطفل ويعيد حسابته بأيدي ترتجف ، إيحاءت وجهه كأنه يأمل أن تخونه حساباته ، وبعد أن ينتهي من عمليه الحسابيه المعقّده يضرب راحتي يده بالآخري رافع رأسه إلي السماء وبعد أن خانته حسابات الأرض يبعث ببرقيه عاجله إلي السماء كان نصها  كلأتي  "أسترها معانا يارب أنت ال عالم بالحال" يكتبها بدموعه التي كتمها في عينه يرسلها في بريد الثقه برب السماء والأرض بعد إن خزلته  حسابات الأرض ، من إتصالاته وضح جالياً إنه في أزمه ماليا بسب تعرض أحد ابنائه لحادث مفاجئ ، فغضت الطرف وها هو مشهد يقفز مصادفه من زاويه في الحافله إلي العين ثمّ إلي القلب فيتوقّف الزمن يتكوّر المشهد إلي غصّه في حلقي ، تجلُس إمراءه أربعينيه بالقرب من الباب واضعه يدها فوق رأسها كأنها تندب في مأتم ، تناثرت الدموع علي خديها كحبات الؤلؤ ، لم تستطيع حبسها تسألتُ في نفسي ماهذا الشئ الجبار الذي حرك الدمع في عينها  ، وتذكرت قراءتي لجرائد الأمس فأول ما غزا مخُيلتي أن تكون هذه السيده تشبه الحالات التي مررت علي قراءتها سريعاً مثل من وقعوا في شركْ الديون ، في عينُها دموع مثقله مُخطلته بحبر بصمتها علي شيك لشركات الأدوات المنزليه التي جهزت بها ابنتها  ، دموع مثقله بالدين الذي يزج بها في السجن لتُقبع خلف القضبان .، تاركه خلفها أسره حُكم عليها بالشتات ، هذا ما توقعته  في مُخيلتي لمثل هذه الحاله ، توقعت أن يكون أصابها هذا الفيروس وإن الرجوله شيعت الي مثواها الأخير عندما تسيل قطره ندي في علي شاكله دمعه من عين هذه السيده
 في المَقْعَد المُقابل ليّ يجلُس شَاب ثلاثيني ، بدا لي من مظهره أنَ الدموع تجمدت في عينه ، لولا عزه نفسه لأجهش في البُكاء ، لكن كبرياءه وقف حاجزاً ، ذوبت الأرض نعل حذاءه ، يستند برأسه علي زجاج النافذه كأنما لا تستطيع رأسه حمل الهموم ، ربما يلين الجماد له بعدما أحس بقسوه قلوب البشر ، يدمدم الشاب مع نفسه بكلمات يريد أن يصّرخ بها لتسمع أذُن الدنيا صوته بعدما أدّعت الصَممَ هكذا ينطق لسان حاله ،أخترقت حاجز الصمت الذي غطي بسحابته المكان فحاولت أن أرسل رياح الكلام لتمطر السحابه وينبت ما في جوفه من أحزان لتثمر كلمات وتذهب غيمتها ،  تبادلنا معا أطراف الحديث ، أطربتْ أُذني لحديثه الذي تردد صداه في قلبي  ، عزف كلماته علي أوتار اللآم لتخرج باللحّن الصادم  المختلط بأوجاعه ، يَحكي عن نفسه ، شاب مثل ملايين الشباب اليوم ، غارق في غياهب جُب البطاله ينتظر أن تلتقطه فرصه عمل ، يُطارده وحش البطاله يهرب منه  ركضاً بأتجاه فرصه عمل تُناسب مؤهله العلمي يحتمي بها في  صحراء الحياه المقفره وليلها الحالك ، أومأ إلي يده التي يمسك بها اوراق تحتوي علي شهاداته التي أفني فيها حياته قال إنها ذابت في يده وهو يطرق بها أبواب فرص العمل الموصده ، ولم يعثر علي ضالته حتي وقت حديثه معي ، في داخله براكين متأججه أثارها الحديث ، إلي متئ تنتظره الفتاه التي يقسم لها كل يوم بأنه سيوفي بوعوده التي قطعها علي نفسه ، لكن شبح الظروف القاسيه هو العائق ، وأشار إلي كتفيه كم تناثر لحمهما في حمل الحجاره والرمل لأعلي الطوابق ليوفر ثمن مواصلته في رحلته في شوارع المدينه ، حكي كم ملتّ أُذنه من سماع النبره الهادئه ، التي لا تسمن ولا تغني من جوع

" أترك رقم تلفونك وعنوانك واحنا هانتصل بحضرتك " وكم وقف في طابور الوظائف الحكوميه وسبقه صديقه المِناسب ليحظي بالمكان المُناسب ، وأغلقت أبواب الحديث معه وما زال في قلب بركانه الثائر حممم لم تُقذف بعد ، وكأن يد ربتت علي كتفي وهمست في أذُني ب هذه الكلمات "ال يشوف مصائب الناس تهون عليه مُصيبته"

تعليقات

  1. يعلن لكم دار رعاية المسنين بالقاهرة عن توفير خدماته بواسطة جليسة مسنين بالقاهرة هي الأفضل و الأكثر إحترافية في التعامل مع كل ما يحتاجه كبار السن
    هذا و نعلن لكم عن خدمة رعاية المسنين بالمنزل مصر و هذا إيمانا منا بأنه يحتاجون رعاية و أنتم تحتاجون إنجاز أعمالكم

    ردحذف

إرسال تعليق